رياض النفوس (صفحة 510)

بذلك وخرج معه إلى باب القصر وقال: «[احملوا] الشيخ على دابة» وقال:

«والله لا برحت حتى تركب! » فركب عبد الجبار والأمير قائم. فلما ركب واستوى على دابته وأصلح الغلمان ثيابه وانصرف، التفت الأمير إلى كاتبه رجاء بن محمد وقال له: «يا رجاء، رأيت ما أعقله، وما أظرفه! أتعرف في رعيتي مثله؟ إنه قضى ذمامنا وتعافى من طعامنا وأخرج مالنا فيما يرضينا».فتصدق عبد الجبار بجميع الدنانير على الفقراء والمساكين ولم يبق منها شيئا. رضي الله تعالى عنه.

ومن مناقب عبد الجبار، قال حمديس [القطان]: ما رأيت أورع من عبد الجبار.

وكان سحنون إذا اجتمع إليه الناس للسماع منه يقول: «انظروا هل عبد الجبار حضر»، فإن جاء قرأ لهم وإلا أخر ذلك حتى يأتي، فإذا جاء أمر القارئ فيقرأ. وقال أبو العرب: وبلغني أنه قيل لعبد الجبار: «أكان سحنون لا يسمع الناس حتى تحضر أنت؟ » فقال: «لا أدري، غير أني كنت إذا حضرت أمر القارئ أن يقرأ، فقرأ للناس».

وكان ممن ينطق بالحكمة: فمن ذلك ما ذكره أبو الفضل بن الصائغ عنه أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015