وقد حدث أبو عمرو هاشم بن مسرور، قال: مضيت ليلة من ليالي رمضان إلى مسجد عبد الجبار لأصلي خلفه التراويح، فصليت معه صلاة العشاء الآخرة، فلما فرغ من الصلاة تنفّل الناس ما شاء الله أن يتنفّلوا. ثم قام المؤذن فقال: «الصلاة، رحمكم الله».فقام الناس ودخل عبد الجبار المحراب، فقرأ في الترويحة الأولى «البقرة» و «آل عمران» و «النساء» و «المائدة»، فلما قضاها انصرف أكثر الناس. ثم قام في الترويحة الثانية فقرأ «الأنعام» و «الأعراف» و «الأنفال» و «براءة»، فلعهدي برءوس الناس أراها في [ظلّ] ضوء القناديل تتمايل يمينا وشمالا. ثم تمادى في الصلاة، فكان يمر في القراءة مرّ الجواد، فإذا اشتبه عليه الحرف أو تعايا [فيه] تركه وقرأ ما يليه، فيقرأ العشرين آية والثلاثين آية والأقل والأكثر، ثم يتفكر في ذلك الحرف فيرجع إليه فيقرأه مفردا، ثم يعود إلى الموضع الذي كان [فيه] فيقرأ منه. قال: فما زال كذلك حتى تراجع الناس إلى المسجد من آخر الليل وعاد إلى العمارة بحسب ما كان في أول الليل، حتى ختم عبد الجبار، وأتاه مؤذنه بقصعة فيها شيء يسير من ثريد، فتسحر [منه] ثم أذن المؤذن وطلع الفجر، فصلّى بهم الصبح.
قال عبد الله بن هاشم: فجاهدت نفسي على أن أقدر على ما قدر عليه عبد الجبار من مجاوزته الموضع الذي أشكل عليه ورجوعه إليه بعد ذلك ببرهة، ثم