رياض النفوس (صفحة 503)

وكان، رحمه الله، على غاية من التواضع: يجلس محتبيا زائلا عن صدر مجلسه، فالجاهل به لا يعرف أنه صاحب المجلس.

وكان يركب بالشند حتى عوتب في ذلك، فاشترى سرجا دنيا كالقتب، فكان يركب بين السلال إذا ذهب إلى منزله.

قال محمد بن بسطام: كنت ليلة في بيتي، وكانت ليلة شتوية، إذ ضرب عليّ الباب، فخرجت إليه فإذا به [محمد بن عبدوس] وعليه جبة صوف وقلنسوة فرو، فقلت: «أصلحك الله، ما الذي أتى بك وأخرجك في هذا الوقت؟ » فقال: «يا محمد، ما بتّ هذه الليلة غما منّي بفقراء أمة محمد عليه السلام، وهذه مائة دينار ذهبا» - وأخرج بها يده من طوقه - «غلة ضيعتي في هذه السنة، أحبّ أن تفرقها على الفقراء والمستورين، ولا يذهب النهار غدا عنك وعندك منها شيء».فأخذتها منه وانصرفت.

روى بخط ابن حكمون بيده، وكان من أصحاب ابن عبدوس، قال:

ذكر محمد بن عبدوس رجلا في مجلسه، فتكلّم فيه بكلام سوء وأكثر من ذلك، فقال له إسحاق أخوه: «يكفيك من القول فيه ما قلت» فقال له محمد: «والله ما يكفيني، سمعت سحنون بن سعيد يقول: «إذا صح عندك فجور الرجل فلا تتورع أن تقول فيه حتى يحذره الناس، لا والله ما يكفيني».

وذكر الشيخ أبو الحسن القابسي، رحمه الله تعالى، عن ابن عبدوس أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015