وذكر عن أحمد بن مسعود المعروف بدلك أنه كان يختلف إلى محمد بن سحنون ثم مال إلى ابن عبدوس، فسأل ابن عبدوس يوما فقال: «ما تقول في الإيمان أصلحك الله، إنه مخلوق هو أم غير مخلوق؟ » فقال له ابن عبدوس: «لا أدري، ولكن [سل] صاحب الكوة» - وهو يريد ابن سحنون؛ وكان ابن سحنون يجلس في طاق في مسجده. فأتى الرجل ابن سحنون فسأله، فقال له محمد بن سحنون: «فأين صاحبك؟ » فقال: «قد سألته فلم يجبني وأرسلني إليك»، فقال له محمد: «هذه مسألة تحتاج أن يختلف فيها سنة».ثم قال له: «الإيمان بضع وسبعون درجة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها شهادة أن لا إله إلا الله. فالإقرار غير مخلوق، وما سوى ذلك من الأعمال مخلوقة».قال أحمد: فمضيت إلى العراق، فاجتمعت مع داود فسألته عنها، فكان جوابه كجواب ابن سحنون، رحمه الله تعالى.
وذكر عنه، رحمه الله تعالى، أن رجلا أتاه فقال: «آتي العمل من أعمال البر في السر وأحب أن يظهر ذلك عليّ» فقال له محمد: «قل لنفسك: إنه إذا ظهر عليك نفعك عند الله تعالى. فإن قبلت نفسك ذلك فهو رياء، وإن أبت نفسك ذلك فلا يضرك ما دعتك إليه».
قال عيسى بن مسكين: «جادت عندنا سنة من السنين البقلة الحرشاء وهي لسان الحمل، فحملت منه إلى محمد في طرف ردائي، ثم رميته على كتفي فدفعته إلى