رياض النفوس (صفحة 487)

وفريد أهل زمانه، وأخاف أن يكون عمره قصيرا».

وانتشرت إمامته في حياة والده، وأدرك من جميع العلوم ما لم يدركه غيره من أهل عصره. وكانت له حلقة غير حلقة أبيه.

ومولده سنة اثنتين ومائتين، وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين، ودفن «بباب نافع».

سمع من أبيه، وعليه معتمده، وسمع من موسى بن معاوية الصمادحي، وعبد العزيز بن يحيى المدني، وعبد الله بن أبي حسان اليحصبي ورحل إلى المشرق سنة خمس وثلاثين ومائتين فلقي جماعة من العلماء منهم أبو المصعب الزهري صاحب مالك، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وسلمة بن شبيب وغيرهم.

ولما عزم على الرحلة قال له والده: إنك تقدم على بلدان - سمّاها - إلى أن تقدم إلى مكة، فاجهد جهدك. فإن وجدت عند أحد من أهل هذه البلدان مسألة خرجت من دماغ مالك بن أنس وليس عند شيخك - يعني نفسه - أصلها، فاعلم أن شيخك كان مفرطا.

فلما وصل إلى مصر نزل على أبي رجاء بن أشهب، سأله أبو رجاء في ذلك ففعل. قال: فكان علماء مصر يأتونه ويسلمون عليه، قال: فأتاه المزني صاحب الشافعي فيمن أتاه، وجلس معه كثيرا ليقلّ الناس ويخلو معه. فلما خرج قدمت إليه دابته ليركب، فقيل له: «كيف رأيته؟ » قال: «لم أر والله أعلم منه ولا أحدّ ذهنا [على حداثة سنّه]».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015