عن مسائل فحرمتني السؤال. ثم غاب عني وهو يتشبه برجل من الرجال أكحل العينين.
قال الجزري: فحضرني الخروج إلى الحج فخرجت، فبينا أنا في الطواف إذ جذبني رجل بثوبي من ورائي، فإذا بالجنّي فسلّم عليّ فرددت عليه السلام، وأخبرني خبر من خلّفت من أهلي وضيعتي ثم قال: «إن الطلبة رأيتهم مختلفين إلى رجل في جبلي البيت ومعهم كتبهم ومحابرهم».فمضيت إلى الرجل معه، فلما أشرفنا على الجماعة جبذ يدي وقد تغير لونه وقال: «هذا إبليس، والله لو رآني لقتلني».فقلت له: «فما العمل؟ » فقال لي: «ارجع إليه فالكمه الرأس وقل له: يا لعين يا ملعون، ايش أتى بك ها هنا؟ » ففعلت ذلك، فاضمحلّ حتى صار مثل الدخان. فالتفت إليّ الطلبة فقلت: «أين الذي كنتم تسمعون منه؟ هل ترون أحدا؟ » ثم أخبرتهم بالقصة، فعجبوا من ذلك وحرقوا الكتب التي سمعوها منه.
ومما يسند هذه الحكاية ما رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه عن أبي سعيد الأشج، قال: حدثني وكيع عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة، قال: قال عبد الله - يعني ابن مسعود -: «إن الشيطان ليتمثّل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدّثهم بالحديث من الكذب، فيتفرقون. فيقول الرجل منهم:
سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه، يحدّث.
دخل إسحاق بن إبراهيم بن عبدوس عند سحنون - وكان أبوه قد شكاه إلى سحنون - فقال له سحنون: «تعال يا ولدي فاسمعه».قال: فلما أتاه وعاتبه بكى سحنون وقال له: «يا ابني أنت مثل ولدي، فاجعلني في حل»، فقال له إسحاق:
«قد فعلت، أصلحك الله».