وقال محمد بن سحنون: «قلت لسحنون: إن فلانا لا يأتي الوالي ولا القاضي إلا بالليل، فكتب إليه بعض إخوانه: إن الذي يراك بالنهار هو يراك في الليل، والسلام».فأعجب سحنون بما كتب به إليه وقال على إثر هذا: «ما أقبح بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيه، فيسأل عنه فيقال: «هو عند الأمير، هو عند الوزير، هو عند القاضي».فإن هذا وشبهه لأشر من علماء بني إسرائيل، لأنه بلغني أنهم كانوا يلقونهم من الرخص بما يحبون مما [ليس] عليه العمل وما هو متروك، ويتركون أن يلقوهم بما عليه العمل وفيه النجاة [لهم]، كراهية أن يستثقلوهم. ولعمري لو فعلوا ذلك لربحوا ولوجب أجرهم على الله عزّ وجل، فو الله لقد ابتليت بهذا القضاء وبهم، فو الله ما أكلت [لهم لقمة]، ولا شربت لهم جرعة، ولا لبست لهم ثوبا، ولا ركبت لهم دابة، ولا أخذت لهم صلة.
وإني لأدخل عليهم فأكلمهم بالتشديد، وبما عليه العمل وفيه النجاة، ثم أخرج من عندهم فأنظر في أمري فأجد عليّ الدرك، مع ما ألقاهم به من الشدّة والغلظة وكثرة مخالفتني لهم ووعظي لهم، فوددت أني [أنجو مما] دخلت فيه كفافا، لا عليّ ولا لي».
/ قال: «وكنت أسمع منه يقول: إنه يقال: إذا رأيتم العالم يحب الدنيا فاتهموه على دينكم».وقال زيدان بن إسماعيل: «سمعت سحنونا يقول - وقد ذكر بعض هذه المواجل التي بناها هؤلاء الولاة فقال: «إنما هي حجارة، جمعوا