وذكر غير أبي العرب: أنه نشأ على طهارة مع كثرة صلاة وصيام وكثرة حزن وخشية، رقيق القلب غزير الدمعة، ومن صغره كان ينطق بالحكمة، ويرد الناس إلى عبادة ربهم بالموعظة الحسنة، حتى انتفع به جماعة من المريدين منهم ذو النون الاخميمي وغيره.
لقد حدث أبو عبد الملك مروان بن نصرون المتعبد، قال: «بلغ ذا النون أن بالمغرب رجلا متعبدا يقال له شقران يخرج من أربعين يوما إلى مثلها. فأتاه من مصر، فسأل عنه، فقيل له: «الساعة دخل. وليس يخرج إلى أربعين يوما».فأقام ذو النون على بابه أربعين يوما، فلما تمت خرج، فلما رأى ذا النون قال له: «من المشرق أنت؟ » قال: «نعم».قال: «ما الذي أقدمك بلادنا؟ » قال: «بلغني خبرك فأتيت إليك لتعظني، لعل الله أن ينفعني بكلامك».فقال له: «يا فتى، سح في الأرض، واستعن بأكل العشب على أداء الفرض. ولا تقبل من أحد صلة ولا قرضا، فإذا خشيت أن تقترض فاستعن بالذي عليه تعرض».ثم دخل فأقمت على بابه أربعين يوما، فلما خرج بعد انقضائها قال له: «ما انتفعت من الموعظة