تعينونا» وقال: «اجعلوا على رءوسكم سيماء تعرفون بها، لئلا يتوهم واحد منا أنكم من هؤلاء المواقفين لنا، فيصيبكم بمكروه».فجعلوا على رءوسهم الحشيش، فكانت تلك سيماهم.
قال سليمان بن سالم: وكان أسد و «ابن قادم» قد اختلفا، وذلك أن أسدا لما وصل بالناس إلى صقلية أضر بالناس الجوع حتى أكلوا لحم الخيل. فمشى الناس إلى ابن قادم، فمضى إلى أسد وقال له: «ارجع بنا [إلى] إفريقية، فإن حياة رجل مسلم أحب إلينا من [أهل] الشرك كلهم» فقال له أسد: «ما كنت لأكسر غزوة على المسلمين، وفي المسلمين خير كثير»، فأبى عليه الناس ذلك، فأراد حرق المراكب. فبدرت من ابن قادم كلمة، فقال: «على أقل من هذا قتل عثمان بن عفان» فتناوله أسد بالسوط، فضربه ولم يجرده، وإنما ضربه أسواطا يسيرة، قدر ثلاثة أو أربعة. وتمادت عزيمته وبصيرته، فقاتل الروم قتالا شديدا حتى قتلهم وهزمهم واستأصلهم.
وسكنها المسلمون واستوطنوها، ثم شاء الله تعالى، بذنوب أهلها، أن أوقع بهم عدوهم. نسأل الله تعالى حلمه وأمانه وعافيته لمن بقي بها من المسلمين، وارتداد الكرة لهم على عدوهم، وعونه وتأييدهم على عدوهم والتوبة عليهم آمين.