الله أن لا يبقى أحد من رجاله إلا شيعه. فركب أسد في جمع عظيم. فلما رأى جمع الناس بين يديه و [من] خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقد صهلت الخيول وضربت الطبول ونشرت البنود، قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له»، ثم قال: «والله، يا معشر الناس، ما ولي لي أب ولا جد ولاية قط، ولا رأى أحد من سلفي مثل هذا قط. وما رأيت ما ترون إلا بالأقلام، فأجهدوا أنفسكم وأتعبوا أبدانكم في طلب العلم وتدوينه، وثابروا عليه واصبروا على شدته، فإنكم تنالون به الدنيا والآخرة».
[حكى] سليمان بن سالم: إن أسدا لما وصل إلى صقلية زحف «بلاطة» ملك صقلية في خلق عظيم، يقال إنه [كان] في مائة ألف وخمسين ألفا. قال ابن أبي الفضل: فرأيت أسد بن الفرات وفي يده اللواء وهو يزمزم فحملوا عليه، فكانت فينا روعة [شديدة]، وأقبل أسد على قراءة «يس»، فلما فرغ منها قال للناس:
«هؤلاء عجم الساحل هؤلاء عبيدكم. لا تهابوهم! »؛ وحمل باللواء وحمل الناس معه، فهزم الله عزّ وجلّ «بلاطة» وأصحابه. فلما انصرف أسد رأيت - والله - الدم قد سال مع قناة اللواء مع ذراعه حتى صار تحت إبطه.
ومعنى قول أسد: هؤلاء عجم الساحل، يعني الذين كانوا هربوا من الساحل لما فتحت إفريقية.
وكتب زيادة الله بن الأغلب بفتح صقلية على يدي أسد بن الفرات إلى «المأمون».
ويقال إن أسدا قال «لفيمه» النصراني الرسول: «اعتزلنا، فلا حاجة لنا بأن