رياض النفوس (صفحة 298)

سنين، ثم رحلنا إلى تونس فأقمت بها نحو تسع سنين. فلما بلغت ثماني عشرة سنة علمت القرآن ببجردة.

قال: ورأت أمي بها كأن حشيشا نبت على ظهري ترعاه البهائم، فعبرت رؤياها عند معبر، فقال: «سوف يكون عند هذا الغلام علم يحمل عنه».

كان قدومه القيروان سنة أربع وأربعين ومائة وهو ابن سنتين، وسمع من علي بن زياد «الموطأ» وتعلم منه العلم بعد أن ارتحل من بجردة إلى تونس. ثم ارتحل إلى المشرق، فلقي مالكا وواظب عليه، وطلب عليه العلم وسمع منه «الموطأ».ثم ارتحل إلى العراق فلقي أصحاب أبي حنيفة: أبا يوسف، وأسد بن عمرو ومحمد بن الحسن. وكتب الحديث بالعراق وتفقه بها؛ ثم رحل من العراق - بعد وفاة مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه - إلى مصر، فوجد أصحاب مالك بوفرهم فلزم ابن القاسم رحمه الله وأخذ عنه «الأسدية»، وقدم بها إلى القيروان وسمعها منه خلق كثير مع «الموطأ» وغير ذلك من العلوم، وانتشرت إمامته.

ثم ولاه زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب قضاء إفريقية سنة ثلاث ومائتين، فأقام قاضيا عليها يقضي بين أهلها بالكتاب والسنة، حتى خرج لغزو «صقلية» فجاهد بها الروم وقاتلهم قتالا عظيما، وكانت له بها آثار مشهورة ومقامات مذكورة، وافتتح منها مواضع كثيرة، ثم توفي رحمه الله تعالى من جراحات أصابته وهو محاصر «لسرقوسة» في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة ومائتين، ودفن بذلك الموضع.

ومن بعض ما أسند عنه من الحديث: عنه عن مالك عن سهيل بن أبي صالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015