رياض النفوس (صفحة 213)

فأبى يزيد أن يحلف، فقال له أبو كريب: «إني أحكم عليك بنكولك عن اليمين» فأنصفه يزيد من دعواه، ثم انصرف يزيد وهو يقول: «الحمد لله الذي لم أمت حتى جعلت بيني وبين الله عزّ وجلّ من يحكم بين عباده بالحق»، فقال أبو كريب: «وأنا أقول الحمد لله الذي لم أمت حتى رأيت أميرا يشكر الله عزّ وجلّ بالقضاء بالحق عليه».

هكذا ذكر أبو بكر بن اللبّاد وأبو العرب أنها كانت مع يزيد، والصواب من ذلك أن يكون هذا المجلس إنما جرى مع عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري أمير إفريقية. ويشهد بصحة ذلك أن أبا كريب استشهد في سنة أربعين ومائة في دولة مروان بن محمد، ويزيد بن حاتم إنما ولى إفريقية في سنة خمس وخمسين ومائة في دولة المنصور. فلا شك أن ذكر يزيد بن حاتم هنا غلط.

وكان، رحمه الله، يركب حمارا بشند ورسنه حبل ليف.

ومر يوما بمدينة القيروان ببئر أم عياض فعرض له خصمان فنزل عن حماره وقعد إلى حائط ونظر بينهما فيما اختصما فيه. ثم قام ليركب فأراد أحدهما أن يمسك برسن الحمار حتى يركب فمنعه أبو كريب من ذلك وأمسكه هو لنفسه. وهذا من محاسبته لنفسه واجتهاده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015