رياض النفوس (صفحة 1097)

وكلّ مؤمّل أمل طويل ... وعمر لو تأمّله قصير

وبعد الموت أهوال عظام ... يشيب لبعضها الطّفل الصّغير

وتذهل كل مرضعة لكرب ... ليوم فيه شرّ مستطير

15 وبعد الموت للأرواح إمّا ... نعيم في الكرامة أو سعير

عجبت لفتنة أعمت وعمّت ... يقوم بها دعيّ أو كفور

تزلزلت المدائن والبوادي ... لها وتلوّنت منها الدّهور

وضاقت كل أرض ذات عرض ... ولم تغن المعاقل والقصور

فنجّى القيروان وساكنيها ... إله دافع عنها قدير

20 أحاط بأهلها علما وخبرا ... وميّز ما أكنّته الصّدور

وجلّلهم بعافية وأمن ... وأسبل فوقها ستر ستير

وأنبت جلّة العلماء فيها ... بحار لا تعادلها بحور

ومنها سادة العلماء قدما ... إذا عدّوا، وليس لهم نظير

وفيها القوم عبّاد خيار ... فقد طاب الأوائل والأخير

/ 25 شعارهم التّقى والخوف ليلا ... على أقدامهم غيب حضور

كأنهم لخوف الله موتى ... أقامهم إلى البعث النّشور

بلاد حشوها علم وحلم ... وإسلام ومعروف وخير

هم افتكّوا سبايا كل أرض ... وفادوا ما استبدّ به المغير

كفيناهم عظائمها جميعا ... فزالت عنهم تلك الشرور

30 وسكنّا قلوبا خافقات ... أمات عروقها ضر ضرير

وآوينا وآسينا وكنّا ... لهم أهلا وأكثرهم شطير

فبات طعامنا لهم طعاما ... هناك، ودورنا للقوم دور

وكان لنا ثواب الله ذخرا ... وقام بشكرنا منهم شكور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015