إذا نص المجتهد على حكم في مسألة لعلة بيّنها توجد في مسائل سوى المنصوص عليه: فمذهبه في تلك المسائل كمذهبه في المسألة المعللة؛ لأنه يعتقد الحكم تابعًا للعلة، ما لم يمنع منها مانع.
فإن لم يبين العلة: لم يجعل ذلك الحكم مذهبه في مسألة أخرى. وإن أشبهتها شبهًا يجوز خفاء مثله على بعض المجتهدين.
فإنا لا ندري لعلها لو خطرت له: لم يَصِرْ فيها إلى ذلك الحكم. ولأن ذلك إثبات مذهب بالقياس.
ولذلك افترقا في منصوص الشارع: فما1 نصَّ على علته كان كالنص، يُنسخ وينسخ به، وما لم ينص على علته: لم ينسخ ولم ينسخ به.
ولو نص المجتهد- على مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين: لم ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى؛ ليكون له في المسألتين روايتان؛ لأنّا إذا لم نجعل مذهبه في المنصوص عليه مذهبًا في المسكوت عنه، فالطريق الأولى: أن لا نجعله مذهبًا له فيما نُصّ على خلافه.
ولأنه إنما يضاف إلى الإنسان مذهب في المسألة، بنصه، أو دلالة تجري مجرى نصه، ولم يوجد أحدهما.
وإن وجد منه نوع دلالة على الأخرى، لكن قد نص فيها على خلاف تلك الدلالة، فالدلالة2 الضعيفة لا تقاوم النص الصريح.