كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 184] ورأى أن ذلك داخل تحت حكم المرض. وقال المدنيون من أصحاب مالك: إنما يقضي الصوم في مثل الخمس سنين ونحوها، وأما صوم عشرة أعوام، أو خمسة عشر عامًا، فلا قضاء عليه وهو قول أصبغ. قال الشيخ أبو الطاهر: أما من لم يبلغ مطبقًا، وقلت سنون جنونه (وجب عليه القضاء بلا خلاف في المذهب، وإن بلغ مطبقًا، أو كثرت سنون جنونه) ففي المذهب ثلاثة أقوال: القضاء مطلقًا، ونفيه مع كثرة السنين، ومثلوه بالعشرة فما فوقها وإثبات القضاء مع قلة السنين كالخمسة ونحوها. فمن رآى (أن) العقل شرط في الأداء لا في الوجوب، أوجب القضاء مطلقًا، ومن رآه شرطًا في الوجوب أسقط القضاء وهو الصحيح، والتفريق استحسانًا لا وجه له. والبلوغ احترازًا من غير البالغ وهل يؤمر بالصوم كما يؤمر بالصلاة فيه قولان عندنا: المشهور أنه لا يؤمر، لأن الصوم لا يتكرر. والشاذ أنه يؤمر لأنه عبادة كالصلامة. ((والصلاة)) احترازًا من المرض، والإقامة احترازًا من السفر، وهو مبيح للفطر إجماعًا. والنقاء من دم الحيض والنفاس تحرزًا من النفساء والحائض، لأن الصوم ساقط عنهما، لكن هل يسقط الصوم عن الحائض والمريض والمسافر بعد وجوبه عليهم لطرء العارض، أم لم يجب البتة عليهم، فيه قولان عند الأصوليين.
قوله: ((واجب مفروض على الأعيان)): هو توكيد كما ذكره، وقدم هاهنا الواجب، وقدم في أول الكتاب الفرض على الواجب، وذلك يشعر بالترادف والتوكيد.
قوله: ((وللعلم بدخول ثلاثة طرق)): قلت: الأصل في ذلك قوله -عليه السلام-: (فلا تفطروا حتى تروا الهلال، ولا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم