ويعرف فضلها فباعها بمائة ألف درهم فلما قبض المال وجه بها إلى مولاها وجزع عليها جزعا شديدا فلما صارت الجارية إلى سيدها نزل بها من الوحشة للأول مالم تستطع دفعه ولا كتمه فباحت به وقالت
أتاني البلا حقا فما أنا صانع ... أمصطبر للبين أم أنا جازع
كفى حزنا أني على مثل جمرة ... أقاسي نجوم الليل والقلب نازع
فإن يمنعوني أن أبوح بحبه ... فإني قتيل والعيون دوامع
سيدها شعرها فدعا بها وأرادها فامتنعت عليه وقالت له يا سيدي إنك لا تنتفع بي قال ولم ذاك قالت إني لما بي قال وما بك صفيه لي قالت أجد في أحشائي نيرانا تتوقد لا يقدر على إطفائها أحد ولا تسأل عما وراء ذلك فرحمها ورق لها وبعث إلى مولاها فسأل عن خبره فوجد عنده مثل الذي عندها فأحضره فرد الجارية عليه ووهب له من ثمنها خمسين ألفا فلم تزل عنده مدة طويلة وبلغ عبد الله بن طاهر خبرهما وهو بخراسان فكتب إلى خليفته بالكوفة يأمره أن ينظر فإن كان هذا الشعر الذي ذكر له من قبل الجارية أن يشتريها له بما ملكت يمينه فركب إلى مولى الجارية فخبره بما كتب إليه عبد الله بن طاهر فلم يجد سيدها بدا من عرضها عليه وهو كاره فأراد الأمير أن يعلم ما عند الجارية فأنشأ يقول
بديع حسن رشيق قد ... جعلت مني له ملاذا
فأجابته الجارية
فعاتبوه فزاد عشقا ... فمات شوقا فكان ماذا
فعلم أنها تصلح له فاشتراها بمائتي ألف درهم فجهزها وحملها إلى عبد الله بن