أما كان يكفي للعباد عقوبة ... ولا أدبا إلا الجحيم المضرم
فما زال ذاك القول منها تضرعا ... إلى أن بدا فجر الصباح المقدم
فشبكت مني الكف أهتف خارجا ... على الرأس أبدى بعض ما كنت أكتم
وقلت لنفسي إذا تطاول ما بها ... وأعيا عليها وردها المتغنم
ألا ثكلتك اليوم أمك مالكا ... جويرية ألهاك منها التكلم
فمازلت بطالا بها طول ليلة ... تنال بها حظا جسيما وتغنم
وقال مخرمة بن عثمان نبئت أن فتى من العباد هوى جارية من أهل البصرة فبعث إيها يخطبها فامتنعت وقالت إن أردت غير ذلك فعلت فأرسل إليها سبحان الله أدعوك إلى مالا إثم فيه وتدعينني إلى مالا يصلح فقالت قد أخبرتك بالذي عندي فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر فأنشأ يقول
وأسألها الحلال وتدع قلبي ... إلى مالا أريد من الحرام
كداعي آل فرعون إليه ... وهم يدعونه نحو الأثام
فظل منعما في الخلد يسعى ... وظلوا في الجحيم وفي السقام
فلما علمت أنه قد امتنع من الفاحشة أرسلت إليه أنا بين يديك على الذي تحب فأرسل إليها لا حاجة لنا فيمن دعوناه إلى الطاعة ودعانا إلى المعصية ثم أنشد
لا خير فيمن لا يراقب ربه ... عند الهوى ويخافه إيمانا
حجب التقى سبل الهوى فأخو التقى ... يخشى إذا وافى المعاد هوانا