الدهر أبدى صفحة قد صانها ... أبواي قبل تمرس الأيام
فتمتعوا بعيونكم في حسنها ... وانهوا جوارحكم عن الآثام
ثم انصرفت وكان محمد بن حميد الطوسي يهوى جارية فأرسل إليها مرة أترجة فبكت بكاء شديدا فقيل لها يوجه إليك من تحبينه بهدية فتبكين هذا البكاء فغنت
أهدى له أحبابه أترجة ... فبكى وأشفق من عيافة زاجر
خاف التلون والفراق لأنها ... لونان باطنها خلاف الظاهر
فلما جاءه الرسول أخبره عنها بما أغاظه فكتب إليها
ضيعت عهد فتى لغيبك حافظ ... في حفظه عجب وفي تضييعك
وصددت عنه وماله من حيلة ... إلا الوقوف إلى أوان رجوعك
إن تقتليه وتذهبي بحياته ... فبحسن وجهك لا بحسن صنيعك
فلما وافتها الرقعة بكت حتى رحمها من حولها ثم اندفعت تقول
هل لعيني إلى الرقاد شفيع ... إن قلبي من السقام مروع
لا تراني بخلت عنك بدمع ... لا وحق الحبيب مالي دموع
إن قلبي إليك صب حزين ... فاستراحت إلى الأنين الضلوع
ليس في العطف يا حبيبي بدع ... إنما هجر من يحب بديع