حَيَاتِهِ مَالًا، ثُمَّ مَاتَ، وَطَلَبَ صَاحِبُهُ الرَّدَّ، شُقَّ جَوْفُهُ وَيُرَدُّ. قَالَ فِي (الْعُدَّةِ) : إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ، فَلَا يُنْبَشُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا يُنْبَشُ بِكُلِّ حَالٍ، وَيَجِبُ الْغُرْمُ فِي تَرِكَتِهِ. وَلَوِ ابْتَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَمَاتَ، فَهَلْ يُخْرَجُ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: الْأَصَحُّ يُخْرَجُ.
قُلْتُ: وَصَحَّحَهُ أَيْضًا الْعَبْدَرِيُّ، وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ (الْمُجَرَّدِ) عَدَمَ الْإِخْرَاجِ، وَقَطَعَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ فِي (الْمُقْنِعِ) وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ صَاحِبِ (التَّنْبِيهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَحَيْثُ قُلْنَا: يُشَقُّ جَوْفُهُ وَيُخْرَجُ، فَلَوْ دُفِنَ قَبْلَ الشَّقِّ، نُبِشَ كَذَلِكَ.
قُلْتُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي (الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ) : إِذَا لَحِقَ الْأَرْضَ الْمَدْفُونَ فِيهَا سَيْلٌ أَوْ نَدَاوَةٌ، فَقَدْ جَوَّزَ الزُّبَيْرِيُّ نَقْلَهُ مِنْهَا، وَأَبَاهُ غَيْرُهُ، وَقَوْلُ الزُّبَيْرِيِّ أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
إِذَا مَاتَ فِي سَفِينَةٍ، إِنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ، أَوْ بِقُرْبِ جَزِيرَةٍ، انْتَظَرُوا لِيَدْفِنُوهُ فِي الْبَرِّ، وَإِلَّا شَدُّوهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْرِ لِيُلْقِيَهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِلِ لَعَلَّهُ يَقَعُ إِلَى قَوْمٍ يَدْفِنُونَهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ السَّاحِلِ كُفَّارًا، ثُقِّلَ بِشَيْءٍ لِيَرْسُبَ.
قُلْتُ: الْعَجَبُ مِنَ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ مَعَ جَلَالَتِهِ، كَيْفَ حَكَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَكَأَنَّهُ قَلَّدَ فِيهِ صَاحِبَيِ (الْمُهَذَّبِ) وَ (الْمُسْتَظْهِرِيِّ) فِي قَوْلِهِمَا: إِنْ كَانَ أَهْلُ السَّاحِلِ كُفَّارًا، ثُقِّلَ لِيَرْسُبَ، وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: يُلْقَى بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِيَقْذِفَهُ الْبَحْرُ. قَالَ