فَرْعٌ

قَالَ لِعَبْدِهِ: بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِكَذَا، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ، أَوْ قَالَ الْعَبْدُ: بِعْنِي نَفْسِي بِكَذَا، فَقَالَ: بِعْتُكَ، صَحَّ الْبَيْعُ، وَثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَتَقَ فِي الْحَالِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ. وَذَكَرَ الرَّبِيعُ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَهُ قَوْلًا ضَعِيفًا، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ وَقَالَ: هُوَ تَخْرِيجٌ لَهُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لِلسَّيِّدِ الْوَلَاءُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ سَبَقَ. وَلَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ، فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ، عَتَقَ بِالْإِقْرَارِ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِهَذِهِ الْعَيْنِ، أَوْ بِخَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَهُ لَهُ، وَأَثْبَتْنَا الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ، عَتَقَ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُكَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَعْتِقْ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِخَمْرٍ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ نَفْسَكَ، أَوْ مَلَّكْتُكَ، فَقَبِلَ، عَتَقَ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ، فَقَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ، عَتَقَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى عِوَضٍ، وَبَيْعَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ، يُشَارِكَانِ الْكِتَابَةَ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَتَضَمَّنُ إِعْتَاقًا بَعِوَضٍ، وَيُفَارِقَانِهَا فِي الشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ، وَهُمَا عَقْدَانِ مُسْتَقِلَّانِ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْعِوَضُ، وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ دَيْنًا مُؤَجَّلًا، إِذْ لَا قُدْرَةَ لَهُ فِي الْحَالِ فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ شَخْصٍ بَاقِيهِ حُرٌّ، وَكَاتَبَهُ فِي مِلْكِهِ بِدَيْنٍ حَالٍّ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ، فَلَا يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ، وَلِهَذَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِمُعْسِرٍ ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015