وَالْكِتَابَةُ لَا يَعْرِفُهَا الْعَوَامُّ، وَقَدْ نَقَلُوا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى هَذَا: لَوْ كَانَ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ، أَوْ جَاهِلًا بِالْأَحْكَامِ لَا يَعْرِفُ التَّدْبِيرَ، لَمْ يَنْعَقِدْ تَدْبِيرُهُ بِمُجَرَّدِ لَفْظَةِ التَّدْبِيرِ، حَتَّى تَنْضَمَّ إِلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ إِنْ ذَكَرَ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الْكِتَابَةُ عَنِ الْمُخَارَجَةِ، كَفَى، كَقَوْلِهِ: تُعَامِلُنِي أَوْ أَضْمَنُ لَكَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنِّي الْإِيتَاءَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ سَهْمَ الرِّقَابِ، فَيَكْفِي عَنْ تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ: كَاتَبْتُكَ، وَحْدَهُ، كَمَا إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، فَقَبِلَ، عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَثَبَتَ الْأَلْفُ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ، فَقَبِلَتْ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا، أَوْ أَدَّيْتَ لِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. فَلَوْ أَعْطَاهُ مَنْ مَالِ غَيْرِهِ، هَلْ يَعْتِقُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا. وَالثَّانِي: نَعَمْ، فَعَلَى هَذَا هَلْ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، أَمْ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ؟ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ، رَدَّ السَّيِّدُ مَا أَخَذَ، وَرَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ، وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ.

وَإِنْ قُلْنَا: تَعْلِيقٌ، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَلَا يَتْبَعُهُ الْكَسْبُ وَالْوَلَدُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ مَغْصُوبًا، وَقُلْنَا: تُطَلَّقُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ وَقْتَ الْمُخَاطَبَةِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015