الْأَمْرُ فِيهِ إِلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ، وَطَلَبَ كَفِيلًا إِلَى أَنْ يَعْدِلَا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ حُبِسَ لِامْتِنَاعِهِ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَلْزَمُهُ إِعْطَاءُ الْكَفِيلِ، لَكِنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُطَالِبَهُ إِذَا رَأَى اجْتِهَادَهُ إِلَيْهِ، وَخَافَ هَرَبَهُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الضَّمَانِ قَوْلٌ: إِنَّ كَفَالَةَ الْبَدَنِ بَاطِلَةٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ
فِيهِ أَطْرَافٌ:
الْأَوَّلُ فِي نَفْسِ الْحَلِفِ، وَصِيَغُ الْأَيْمَانِ مُسْتَوْفَاةٌ فِي مَوْضِعِهَا، وَالْمَقْصُودُ الْآنَ بَيَانُ قَاعِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: أَنَّ لِلتَّغْلِيظِ مَدْخَلًا فِي الْأَيْمَانِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّعَاوَى مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأَوْلَى التَّغْلِيظُ يَقَعُ بِوُجُودِهِ، أَحَدُهَا التَّغْلِيظُ اللَّفْظِيُّ، وَهُوَ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: التَّعْدِيدُ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ، وَوَاجِبٌ فِيهِمَا، الثَّانِي: زِيَادَةُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، بِأَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الَّذِي يَعْلَمُ مِنَ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنَ الْعَلَانِيَةِ، أَوْ وَاللَّهِ الطَّالِبُ الْغَالِبُ، الْمُدْرِكُ الْمُهْلِكُ، الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَهَذَا الضَّرْبُ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى: «اللَّهِ» كَفَى، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْحَالِفِ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا) الْآيَةَ، وَأَنْ يُحْضَرَ الْمُصْحَفُ، وَيُوضَعَ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا زِيَادَةً فِي التَّغْلِيظِ. وَالْوَجْهُ