بِالْأَقَلِّ وَهَذَا فِيهِ إِرْشَادٌ وَتَلْقِينٌ، ثُمَّ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مُسْتَقِيمٌ، لَكِنَّ الْأَخْذَ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ لَا وَجْهَ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَطَلَبَ مِنَ الْقَاضِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَاهُ، لَمْ يُجِبْهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ، وَلِأَنَّهُ كَطَعْنٍ فِي الشُّهُودِ، وَإِنِ ادَّعَى إِبْرَاءً أَوْ قَضَاءً فِي الدَّيْنِ، أَوْ بَيْعًا، أَوْ هِبَةً وَإِقْبَاضًا فِي الْعَيْنِ، نُظِرَ إِنِ ادَّعَى حُدُوثَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ مَا يَقُولُهُ إِنْ مَضَى زَمَانُ إِمْكَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ.
وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ جَرَى قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ، فَإِنْ لَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِهِ، وَإِنْ حَكَمَ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشُّهُودُ فَسَقَةٌ، أَوْ كَذَبَةٌ، وَالْمُدَّعِي يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ؟ وَجْهَانِ، وَطَرْدًا فِي كُلِّ صُورَةٍ ادَّعَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لِنَفْعِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُدَّعَى عَيْنَ حَقٍّ لَهُ، بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِكَذَا، أَوْ قَالَ وَقَدْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى: إِنَّ الْمُدَّعِيَ حَلَّفَنِي مَرَّةً، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ، أَوْ قَذَفَهُ، فَطَلَبَ الْحَدَّ، فَادَّعَى زِنَى الْمَقْذُوفِ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ: إِنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ، وَإِنَّ جَوَابَ الْأَكْثَرِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَذْفِ التَّحْلِيفُ. وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا، وَأَرَادَ الْقَاذِفُ تَحْلِيفَ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ زِنَى مُوَرِّثِهِ حَلَفَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحْكِيَّةٌ عَنِ النَّصِّ، لَكِنْ ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ إِذَا ادَّعَى فِسْقَ الشُّهُودِ، أَوْ كَذِبَهُمْ، وَأَمَّا تَحْلِيفُ الْقَاضِي وَالشُّهُودِ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا لِارْتِفَاعِ مَنْصِبَيْهِمَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ