شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. اتَّفَقُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْبُدْ صَنَمًا قَطُّ، وَالْأَنْبِيَاءُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِصْمَةِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَأَمَّا بَعْدُ النُّبُوَّةِ فَمَعْصُومُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَمِنْ كُلِّ مَا يُخِلُّ بِالتَّبْلِيغِ، وَمَا يُزْرِي بِالْمُرُوءَةِ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّغَائِرِ فَجَوَّزَهَا الْأَكْثَرُونَ، وَمَنَعَهَا الْمُحَقِّقُونَ وَقَطَعُوا بِالْعِصْمَةِ مِنْهَا، وَتَأَوَلُوا الظَّوَاهِرَ الْوَارِدَةَ فِيهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ يَتَعَبَّدُ عَلَى دِينِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَمْ مُوسَى أَمْ عِيسَى، أَمْ يَتَعَبَّدُ لَا مُلْتَزِمًا دِينٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْكُورِينَ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ، إِذْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَقْلٍ وَلَا ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إِجْمَاعٌ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا، هَلْ هُوَ شَرْعٌ لَنَا إِذَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِنَسْخِ ذَلِكَ الْحُكْمِ؟ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ: شَرْعُ إِبْرَاهِيمَ فَقَطْ؛ وَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ وَيَوْمٌ، فَأَقَامَ فِي مَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: عَشْرًا، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشَرَةَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَدَخْلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ، وَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشَرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ؛ وَمِنْهَا ابْتِدَاءُ التَّارِيخِ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَقِيلَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَمُدَّةُ مَرَضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا، وَقِيلَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمٌ وَأُسَامَةُ وَشُقْرَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْرَادًا، بِلَا إِمَامٍ، وَدَخَلَ قَبْرَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمٌ وَشُقْرَانُ، وَدُفِنَ فِي اللَّحْدِ وَجُعِلَ فِيهِ تِسْعُ لَبِنَاتٍ، وَدُفِنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَهُوَ