هِيَ جَمْعُ سِيرَةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ، وَالْمَقْصُودُ: الْكَلَامُ فِي الْجِهَادِ وَأَحْكَامُهُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ: فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ، وَبَيَانِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَفِيهِ أَطْرَافٌ.
الْأَوَّلُ: فِي مُخْتَصَرٍ يَتَعَلَّقُ بِابْتِدَاءِ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ وَغَيْرِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ وَالْإِنْذَارِ بِلَا قِتَالٍ، وَاتَّبَعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ قَوْمٍ، وَفُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ، ثُمَّ فُرِضَ الصَّوْمُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ بَعْدَ الصَّوْمِ أَمْ قَبْلَهُ، ثُمَّ فُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ، وَكَانَ الْقِتَالُ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَأُمِرُوا بِالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَجَبَتِ الْهِجْرَةُ عَلَى مَنْ قَدَرَ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ، ارْتَفَعَتِ الْهِجْرَةُ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَنُفِي وُجُوبُ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْقِتَالِ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا ابْتَدَأَهُمُ الْكُفَّارُ بِقِتَالٍ، ثُمَّ أَبَاحَ الْقِتَالَ ابْتِدَاءً، لَكِنْ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ وَلَا زَمَانٍ، وَلَمْ يَعْبُدْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَنَمًا قَطُّ قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : كَانَ مُتَمَسِّكًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قُلْتُ: تَعَرَّضَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِهَذِهِ النُّبَذِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا بِهَذَا الْكِتَابِ، وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى أُصُولِ مَقَاصِدِهَا بِأَلْفَاظٍ وَجِيزَةٍ - إِنْ