وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ كَانَ النَّاظِرُ مَحْرَمًا لَحَرِمَ صَاحِبُ الدَّارِ، فَلَا يَرْمِي إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَرِّدَةً، إِذَا لَيْسَ لِلْمَحْرَمِ النَّظَرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.
فَرْعٌ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ حَرَمٌ، بَلْ كَانَ فِيهَا الْمَالِكُ وَحْدَهُ، فَإِنْ كَانَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، فَلَهُ الرَّمْيُ وَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا يُكْرَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْحُرُمُ فِي الدَّارِ مُسْتَتِرَاتٍ بِالثِّيَابِ، أَوْ فِي بَيْتٍ، أَوْ مُنْعَطَفٍ لَا يَمْتَدُّ النَّظَرُ إِلَيْهِنَّ، فَهَلْ يَجُوزُ قَصْدُ عَيْنِهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرَهُنَّ عَنِ الْأَعْيُنِ وَإِنْ كُنَّ مَسْتُورَاتٍ بِثِيَابٍ، وَلِأَنَّ الْحُرُمَ فِي الدَّارِ لَا يُدْرَى مَتَى يُسْتَرْنَ وَيَنْكَشِفْنَ، فَيُحْسَمُ بَابُ النَّظَرَ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا، فَنَظَرَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ كُوَّةٍ وَاسِعَةٍ، أَوْ ثُلْمَةٍ فِي الْجِدَارِ، فَإِنْ كَانَ مُجْتَازًا، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَإِنْ وَقَفَ وَنَظَرَ مُتَعَمِّدًا، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، لِتَفْرِيطِ صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ نَظَرَ مِنْ سَطْحِ نَفْسِهِ، أَوْ نَظَرَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْمَنَارَةِ، جَازَ رَمْيُهُ فِي الْأَصَحِّ، إِذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ وَضَعَ الْأَعْمَى عَيْنَهُ عَلَى شَقِ الْبَابِ، فَرَمَاهُ، ضَمِنَ، سَوَاءٌ عَلِمَ عَمَاهُ أَمْ لَا، وَلَوْ نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْمُرَاهِقُ، جَازَ رَمْيُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ نَاظِرٌ، لَمْ يَجُزْ لَهُ رَمْيُهُ؛ لِأَنَّهُ الْهَاتِكُ حُرْمَتَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: لَوْ دَخَلَ مَسْجِدًا، وَكَشَفَ عَوْرَتَهُ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ أَوْ لَمْ يُغْلِقْهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ رَمْيُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ مِلْكًا لِلنَّاظِرِ، قَالَ السَّرَخَسِيُّ: