يَرْوِيَهَا دَسَمًا، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجِبُ التَّرْوِيغُ وَالْمُنَاوَلَةُ، فَإِنْ أَجْلَسَهُ مَعَهُ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَالثَّانِي: يَجِبُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَالْأَمْرُ بِهِمَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ نَدْبًا إِلَى التَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الْإِجْلَاسَ أَفْضَلُ، أَمْ هُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَأَصْلُ هَذَا الِاسْتِحْبَابُ فِي مُنَاوَلَةِ الطَّعَامِ اللَّذِيذِ، يَشْمَلُ مَنْ عَالَجَهُ وَغَيْرَهُ، لَكِنَّهُ فِيمَنْ عَالَجَهُ آكَدُ، وَرِعَايَتُهُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِينَ أَهَمُّ، وَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ عَالَجَهُ، وَلْيَكُنْ مَا يُنَاوِلُهُ لُقْمَةً كَبِيرَةً تَسُدُّ مَسَدًّا، لَا صَغِيرَةً تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ، وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ.
نَفَقَةُ الرَّقِيقِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا، بَلْ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إِبْدَالَهُ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْلِ، وَيَجُوزُ قَبْلَهُ، وَعَنِ الْمَاوَرْدِيِّ: أَنَّهُ إِنْ تَضَمَّنَ الْإِبْدَالُ تَأَخُّرَ الْأَكْلِ، لَمْ يَجُزْ.
فَصْلٌ
إِذَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ، أَوْ أُمُّ وَلَدِهُ مِنْهُ، فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى إِرْضَاعِهِ، لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ تَسْلِيمَ الْوَلَدِ إِلَى غَيْرِهَا، وَأَرَادَتْ هِيَ إِرْضَاعَهُ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَقَدْ يُرِيدُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَاسْتِخْدَامَهَا، وَأَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لَهُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الْوَجِيزِ» لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، لَكِنْ لَهُ أَنْ يَضُمَّهُ فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ إِلَى غَيْرِهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهَا إِرْضَاعَ غَيْرِ وَلَدِهَا مَعَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا،