وَأَمَّا جِنْسُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ، فَغَالِبَ الْقُوتِ الَّذِي يُطْعَمُ مِنْهُ الْمَمَالِيكُ فِي الْبَلَدِ، مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا الْأُدْمُ الْغَالِبُ، وَالْكِسْوَةُ مِنَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَغَيْرِهَا، وَتُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ، وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِي الْكِسْوَةِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ، وَلَوْ تَنَعَّمَ السَّيِّدُ فِي الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ وَالْكِسْوَةِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا، إِمَّا بُخْلًا وَإِمَّا رِيَاضَةً، لَزِمَهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لِلرَّقِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ.
فَصْلٌ
إِذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، وَيُفَضِّلُ النَّفِيسَ عَلَى الْخَسِيسِ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، وَفِي الْجَوَارِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ كَالْعَبِيدِ، وَأَصَحُّهُمَا: يُفَضِّلُ ذَوَاتِ الْجَمَالِ وَالْفَرَاهَةِ لِلْعَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَسَوَاءٌ فِيهِ السِّرِّيَّةُ وَغَيْرُهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّفْضِيلُ، وَبِالتَّفْضِيلِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ.
فَصْلٌ
إِذَا وَلِيَ رَقِيقُهُ مُعَالَجَةَ طَعَامِهِ، فَجَاءَهُ بِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ لِيَتَنَاوَلَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ السَّيِّدُ، أَوِ امْتَنَعَ الرَّقِيقُ تَوْقِيرًا لِلسَّيِّدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُوغَ لَهُ السَّيِّدُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، ثُمَّ يُنَاوِلُهُ، وَالتَّرْوِيغُ: أَنْ