أَجَابَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ، وَنَقْلَهُ الْقَفَّالُ عَنِ النَّصِّ. وَإِذَا مَكَّنَتِ الزَّوْجَ وَقَدْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَتَمْكِينُهَا كَرِضَاهَا، وَالْوَرَعُ لِلزَّوْجِ إِذَا ادَّعَتِ الرَّضَاعَ أَنْ يَدَعَ نِكَاحَهَا بِتَطْلِيقَةٍ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمُسَمَّى إِذَا ادَّعَتِ الرَّضَاعَ، لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ بِزَعْمِهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ جَرَى دُخُولٌ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ لِزَعْمِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَفْعَلُ بِذَلِكَ الْمَالِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ الْمُقِرُّ لَهُ.
فَرْعٌ
أَقَرَّتْ أَمَةٌ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا، يُقْبَلُ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا ذَلِكَ الْغَيْرُ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِسَيِّدِهَا، لَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ التَّمْكِينِ، وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ فِي الرَّضَاعِ.
مِنَ الْأُصُولِ الْمُمَهِّدَةِ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ نَفْيًا، وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ مُنْكِرَ الرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَمُدَّعِيهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، فَلَوْ نَكَلَتْ عَنِ الْيَمِينِ، وَرَدَدْنَاهَا عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ وَرَدَدْنَاهَا عَلَيْهَا، فَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ، لِأَنَّهَا مُثْبِتَةً، وَقَالَ الْقَفَّالُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: إِنَّ غَيْرَ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتِّ، وَقِيلَ: يَمِينُهُ إِذَا أَنْكَرَ عَلَى الْبَتِّ، وَيَمِينُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوِ ادَّعَتِ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ، فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْبَتِّ، فَلَا.