وَتَخْتَصُّ الْمُطَالَبَةُ بِالزَّوْجَةِ، فَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمَجْنُونَةِ الْمُطَالَبَةُ، وَحَسُنَ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِلزَّوْجِ: اتَّقِ اللَّهَ بِالْفَيْأَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَتْ أَوْ أَفَاقَتْ وَطَلَبَتْ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ أَيْضًا مُطَالَبَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ حَقُّهَا.
فَرْعٌ
إِذَا وُجِدَ مَانِعٌ مِنَ الْجِمَاعِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَحْسُوبَةِ، نُظِرَ أَهْوَ فِيهَا، أَمْ فِي الزَّوْجِ؟ فَإِنْ كَانَ فِيهَا، بِأَنْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، أَوْ مَحْبُوسَةً لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إِلَيْهَا، أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، أَوْ مُحْرِمَةً، أَوْ صَائِمَةً، أَوْ مُعْتَكِفَةً عَنْ فَرْضٍ، لَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْأَةِ لَا فِعْلًا وَلَا قَوْلًا، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ فِيهِ، فَهُوَ طَبْعِيٌّ وَشَرْعِيٌّ، فَالطَّبْعِيُّ بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ يُخَافَ مِنْهُ زِيَادَةُ الْعِلَّةِ، أَوْ بُطْءُ الْبُرْءِ، فَيُطَالَبُ بِالْفَيْأَةِ بِاللِّسَانِ، أَوْ بِالطَّلَاقِ إِنْ لَمْ يَفِئْ، وَالْفَيْأَةُ بِاللِّسَانِ أَنْ يَقُولَ: إِذَا قَدِرْتُ فِئْتُ. وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ: نَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ، وَإِذَا اسْتَمْهَلَ الْفَيْأَةَ بِاللِّسَانِ، لَمْ يُمْهِلْهُ بِحَالٍ، فَإِنَّ الْوَعْدَ هَيِّنٌ مُتَيَسِّرٌ، ثُمَّ إِذَا زَالَ الْمَانِعُ، يُطَالَبُ [بِالْفَيْأَةِ] بِالْوَطْءِ أَوْ بِالطَّلَاقِ، تَحْقِيقًا لِفِيَأَةِ اللِّسَانِ، وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا الطَّلَبُ إِلَى اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا ظُلْمًا، فَكَالْمَرِيضِ، وَإِنْ حُبِسَ فِي دَيْنٍ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ، أُمِرَ بِالْأَدَاءِ أَوِ الْفَيْأَةِ بِالْوَطْءِ، أَوِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا الشَّرْعِيُّ، فَكَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالظِّهَارِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا، أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَرَادَ وَطْئَهَا وَهُنَاكَ مَانَعٌ شَرْعِيٌّ، هَلْ يَلْزَمُهَا التَّمْكِينُ؟ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ [أَنَّهُ] إِنْ كَانَ الْمَانِعُ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، أَوْ يَخْتَصُّ بِهَا كَالْحَيْضِ وَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ، لَمْ يَلْزَمْهَا، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ، وَإِنِ اخْتَصَّ بِهِ كَصَوْمِهِ وَإِحْرَامِهِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهَا التَّمْكِينُ، لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْحَقِّ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ مُوَافَقَةٌ عَلَى الْحَرَامِ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ التَّحْرِيمُ بِسَبَبِ الظِّهَارِ، فَهَلْ هُوَ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، أَمْ كَصَوْمِهِ؟ وَجْهَانِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَجُوزُ التَّمْكِينُ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ