الْمَانِعُ مِنَ الْوَطْءِ، فَإِنْ قَارَنَ ابْتِدَاءَ الْإِيلَاءِ، لَمْ تَبْتَدِئِ الْمُدَّةُ حَتَّى تَزُولَ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الْمُدَّةِ، قَطَعَهَا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الطَّرَفَيْنِ، وَحَكَى الْمُزَنِيُّ قَوْلًا فِي حَبْسِهِ: أَنَّهُ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْمُدَّةِ، فَغَلَّطَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ فِي النَّقْلِ، وَصَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إِذَا حَبَسَتْهُ هِيَ.
وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا حُبِسَ ظُلْمًا، وَحَقُّ هَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَطْرُدَهُ فِي الْمَرَضِ، وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ، وَقَدْ مَالَ الْإِمَامُ إِلَى هَذَا فَقَالَ: كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُصَدَّقَ الْمُزَنِيُّ فِي النَّقْلِ، وَيُقَالَ فِيهِ وَفِي نَصِّ الْمَرَضِ: إِنَّهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ.
وَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» أَنَّ الْبُوَيْطِيَّ حَكَى قَوْلًا أَنَّ الْمَوَانِعَ الطَّارِئَةَ فِيهَا لَا تَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ لِحُصُولِ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ ابْتِدَاءً. فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، فَطَرَأَ فِيهَا مَانِعٌ فِي الْمُدَّةِ، ثُمَّ زَالَ، اسْتَأْنَفَتِ الْمُدَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَقِيلَ: تَبْنِي. وَلَوْ طَرَأَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ، وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ، وَزَالَتْ بَعْدُ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَلَا تَفْتَقِرُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْمُدَّةِ، لِأَنَّهُ وُجِدَتِ الْمُضَارَّةُ فِي الْمُدَّةِ عَلَى التَّوَالِي، وَقِيلَ: تَسْتَأْنِفُ وَهُوَ غَلَطٌ، نَسَبَهُ الْإِمَامُ إِلَى بَعْضِ الضَّعَفَةِ، وَجُنُونُهَا يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْمُدَّةِ إِنْ كَانَتْ تَمْنَعُ التَّمْكِينَ، وَإِلَّا فَلَا.
أَمَّا الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ صَوْمًا أَوِ اعْتِكَافًا مَفْرُوضَيْنِ، يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ، وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إِذَا زَالَ، وَإِنْ كَانَا تَطَوُّعَيْنِ، لَمْ يَمْنَعَا الِاحْتِسَابَ، لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي الطُّرُقِ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَنَّ الْعُذْرَ الشَّرْعِيَّ لَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ، وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْحَيْضُ لَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ قَطْعًا، وَكَذَا النِّفَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِأَنْ يُفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَمَا لَمْ تَطْلُبْ، لَا يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا بِالتَّأْخِيرِ. وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا وَرَضِيَتْ، ثُمَّ بَدَا لَهَا، فَلَهَا الْعَوْدُ إِلَى الْمُطَالَبَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الضَّرَرَ مُتَجَدِّدٌ