مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ، وَنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ، وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ هِجْرَانِ السَّلَفِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ، فَهُوَ ضَرْبُ تَأْدِيبٍ وَتَعْزِيرٍ، وَقَدْرُهُ نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُدْمِيًا، وَلَا مُبَرِّحًا، وَلَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَهَالِكِ. فَإِنْ أَفْضَى إِلَى تَلَفٍ، وَجَبَ الْغُرْمُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إِتْلَافٌ لَا إِصْلَاحٌ، ثُمَّ الزَّوْجُ وَإِنْ جَازَ لَهُ الضَّرْبُ، فَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ ضَرْبَ التَّأْدِيبِ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لِلصَّبِيِّ، وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ.

وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى تَأْوِيلَيْنِ لَهُ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالْآيَةِ أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ بِضَرْبِهِنَّ. وَالثَّانِي: حُمِلَ النَّهْيُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، أَوْ تَرْكِ الْأَوْلَى، وَقَدْ يُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِيهِ السَّبَبُ الْمُجَوِّزُ لِلضَّرْبِ.

قُلْتُ: هَذَا التَّأْوِيلُ الْأَخِيرُ هُوَ الْمُخْتَارُ، فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَعَلِمْنَا التَّارِيخَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

إِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَلِتَعَدِّي الْمَرْأَةِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ. إِحْدَاهَا: أَنْ يُوجَدَ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا، بِأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَيِّنًا، أَوْ يَجِدَ مِنْهَا إِعْرَاضًا وَعُبُوسًا بَعْدَ طَلَاقَةٍ وَلُطْفٍ، فَفِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، يَعِظُهَا وَلَا يَضْرِبُهَا وَلَا يَهْجُرُهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015