الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، فَلَا بُدَّ فِي الْوِصَايَةِ مِنَ الْإِيجَابِ، بِأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ، أَوْ فَوَّضْتُ، أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ فِيهَا التَّوْقِيتُ كَمَا سَبَقَ مِنْ جَوَازِ التَّعْلِيقِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ سَنَةً، أَوْ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ ابْنِي فُلَانٌ، أَوْ أَوْصَى إِلَى زَوْجَتِهِ إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ.

وَأَمَّا الْقَبُولُ، فَالْمَذْهَبُ اشْتِرَاطُهُ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى خِلَافٍ فِيهِ. وَهَلْ يَقُومُ عَمَلُ الْوَصِيِّ مَقَامَ لَفْظِ قَبُولِهِ؟ وَجْهَانِ. وَكُلُّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَكَالَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي. فَلَوْ قِيلَ فِي حَيَاتِهِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَالٍ، يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: يُعْتَدُّ بِهِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِعَمَلٍ يَتَأَخَّرُ، يَصِحُّ الْقَبُولُ فِي الْحَالِ. وَالرَّدُّ فِي حَيَاةِ الْوَصِيِّ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ رَدَّ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ، جَازَ، وَلَوْ رَدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَغَتِ الْوِصَايَةُ.

فَرْعٌ

إِنْ فَصَّلَ فَقَالَ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ فِي قَضَاءِ دُيُونِي وَتَنْفِيذِ وِصَايَاتِي وَالتَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ أَطْفَالِي وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ، أَوْ ذَكَرَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، فَذَاكَ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ، أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي، وَلَمْ يَذْكُرِ التَّصَرُّفَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: لَهُ التَّصَرُّفُ وَالْحِفْظُ اعْتِمَادًا عَلَى الْعُرْفِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْحِفْظُ تَنْزِيلًا عَلَى الْأَقَلِّ. وَالثَّالِثُ: لَا تَصِحُّ الْوِصَايَةُ حَتَّى يُبَيِّنَ مَا فَوَّضَهُ إِلَيْهِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ، فَبَاطِلَةٌ قَطْعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015