قُلْتُ: مَعْنَاهُ: يَجِبُ أَخْذُهُ لِرَدِّهِ إِلَى حَاضِنِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُلْتَقِطُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أُمُورٌ. أَحَدُهَا: التَّكْلِيفُ، فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، الثَّانِي: الْحُرِّيَّةُ، فَالْعَبْدُ إِذَا الْتَقَطَ يُنْتَزَعُ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهُ. وَإِنْ أَذِنَ أَوْ عَلِمَ بِهِ فَأَقَرَّهُ فِي يَدِهِ، جَازَ وَكَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَهُوَ نَائِبُهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَالْمُكَاتَبُ إِذَا الْتَقَطَ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، انْتُزِعَ مِنْهُ أَيْضًا. وَإِنِ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَبَرُّعَاتِهِ بِالْإِذْنِ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ الِانْتِزَاعُ، لِأَنَّ فِي الِالْتِقَاطِ وِلَايَةً وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا. فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ: الْتَقِطْ لِي صَغِيرًا، فَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِذَا الْتُقِطَ فِي يَوْمِهِ، هَلْ يَسْتَحِقُّ كَفَالَتَهُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْمُعْتَمَدِ» .
الثَّالِثُ: الْإِسْلَامُ، فَالْكَافِرُ يَلْتَقِطُ الطِّفْلَ الْكَافِرَ دُونَ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ، وَلِلْمُسْلِمِ الْتِقَاطُ الصَّبِيِّ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ.
الرَّابِعُ: الْعَدَالَةُ، فَلَيْسَ لِلْفَاسِقِ الِالْتِقَاطُ. وَلَوِ الْتَقَطَ، انْتُزِعَ مِنْهُ، وَأَمَّا مَنْ ظَاهِرُ حَالِهِ الْأَمَانَةُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُخْتَبَرْ، فَلَا يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ، لَكِنْ يُوكِلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى. فَإِذَا وَثِقَ بِهِ، صَارَ كَمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ. وَقَبْلَ ذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْمُسَافَرَةَ بِهِ مُنِعَ وَانْتُزِعَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ.
الْخَامِسُ: الرُّشْدُ، فَالْمُبَذِّرُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، لَا يُقِرُّ اللَّقِيطَ فِي يَدِهِ.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَقِطِ الذُّكُورَةُ قَطْعًا، وَلَا الْغِنَى. وَقِيلَ: لَا يُقِرُّ فِي يَدِ الْفَقِيرِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.