يُقَالُ لِلصَّبِيِّ الْمُلْقَى الضَّائِعِ: لَقِيطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَمَنْبُوذٌ، وَفِيهِ بَابَانِ.
[الْبَابُ] الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِ الِالْتِقَاطِ الشَّرْعِيِّ وَأَحْكَامِهِ. أَمَّا الْأَرْكَانُ، فَثَلَاثَةٌ. أَحَدُهَا: نَفْسُ الِالْتِقَاطِ، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَمَنْ أَخَذَ لَقِيطًا، لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِئَلَّا يَضِيعَ نَسَبُهُ. وَقِيلَ: فِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ كَاللُّقَطَةِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ. وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَهَا، لَزِمَهُ. فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْإِشْهَادَ فَتَرَكَهُ، قَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : لَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ، وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِ الْإِشْهَادِ الْوَاجِبِ بِابْتِدَاءِ الِالْتِقَاطِ. وَإِذَا أَشْهَدَ، فَلْيَشْهَدْ عَلَى اللَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: اللَّقِيطُ، وَهُوَ كُلُّ صَبِيٍّ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ، فَيَخْرُجُ بِقَيْدِ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ، لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْحَضَانَةِ، وَالتَّعَهُّدِ، فَلَا مَعْنَى لِلِالْتِقَاطِ. لَكِنْ لَوْ وَقَعَ فِي مَعْرِضِ هَلَاكٍ، أُعِينَ لِيَتَخَلَّصَ. وَفِي الصَّبِيِّ الَّذِي بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، وَالْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يُلْتَقَطُ، لِحَاجَتِهِ إِلَى التَّعَهُّدِ. وَالْمُرَادُ بِالضَّائِعِ: الْمَنْبُوذُ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَنْبُوذِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا وَصِيٌّ، فَحِفْظُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي، فَيُسَلِّمُهُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ كَافِلٌ مَعْلُومٌ، فَإِذَا فُقِدَ، قَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ. وَقَوْلُنَا: لَا كَافِلَ لَهُ، الْمُرَادُ بِالْكَافِلِ: الْأَبُ وَالْجَدُّ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا. وَالْمُلْتَقَطُ مِمَّنْ هُوَ فِي حَضَانَةِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ، لَا مَعْنَى لِالْتِقَاطِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِي مَضْيَعَةٍ أُخِذَ لِيُرَدَّ إِلَى حَاضِنِهِ.