خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ، أَوْ بِنَاءَ الْحَائِطِ، فَقَبِلَ. وَفِي قَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِكَذَا، أَوْ لِتَفْعَلَ كَذَا، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ إِجَارَةُ عَيْنٍ، لِلْإِضَافَةِ إِلَى الْمُخَاطَبِ، كَمَا لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّابَّةَ. وَالثَّانِي: إِجَارَةُ ذِمَّةٍ، وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا تَكُونُ إِجَارَةَ عَيْنٍ إِذَا زَادَ فَقَالَ: اسْتَأْجَرْتُ عَيْنَكَ أَوْ نَفْسَكَ لِكَذَا، أَوْ لِتَعْمَلَ بِنَفْسِكَ كَذَا. وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إِلَّا إِجَارَةَ عَيْنٍ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي أَرْضٍ وَلَا دَارٍ.
فَرْعٌ
إِذَا وَرَدَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ، لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ. ثُمَّ إِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، فَهِيَ كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ فِي جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ، وَفِي أَنَّهُ إِذَا شُرِطَ فِيهَا التَّأْجِيلُ أَوِ التَّنْجِيمُ، كَانَتْ مُؤَجَّلَةً أَوْ مُنَجَّمَةً. وَإِنْ شُرِطَ التَّعْجِيلُ، كَانَتْ مُعَجَّلَةً، وَإِنْ أُطْلِقَ، فَمُعَجَّلَةٌ، وَمَلَكَهَا الْمُكْرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ، اسْتَحَقَّ اسْتِيفَاءَهَا إِذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَاسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَوْجُودَةٌ أَوْ مُلْحَقَةٌ بِالْمَوْجُودِ، وَلِهَذَا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ دَيْنًا، وَإِلَّا، لَكَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
فَرْعٌ
يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ وَوَصْفِهَا إِذَا كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ كَذَا لِأُرْضِيَكَ أَوْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، وَمَا أَشْبَهَهُ، فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِذَا عَمِلَ، اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ بِنَفَقَتِهِ أَوْ كُسْوَتِهِ، فَسَدَ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ بِقَدْرٍ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ الشَّعِيرِ، وَضَبْطُهُ ضَبْطُ السَّلَمِ، جَازَ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ بِأَرْطَالِ خُبْزٍ، بُنِيَ عَلَى جَوَازِ