كِتَابُ الْإِجَارَةِ

فِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ.

الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.

[الرُّكْنُ] الْأَوَّلُ: الْعَاقِدَانِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الصِّيغَةُ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ آجَرْتُكَهَا مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا، فَيَقُولُ: عَلَى الِاتِّصَالِ: [قَبِلْتُ، أَوِ] اسْتَأْجَرْتُ، أَوِ اكْتَرَيْتُ. وَلَوْ أَضَافَ إِلَى الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: أَجَّرْتُكَ أَوْ أَكْرَيْتُكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الشَّامِلِ» وَذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ تَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ عَيْنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ رُقْبَتَهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ وُضِعَ مُضَافًا إِلَى الْعَيْنِ. وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي الذِّمَّةِ، فَقَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ كَذَا، فَقِيلَ: جَازَ، وَأَغْنَى عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْإِكْرَاءِ. وَإِنْ تَعَاقَدَ بِصِيغَةِ التَّمْلِيكِ، نُظِرَ، إِنْ أَضَافَ إِلَى الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ [الْمَعْرُوفِ] ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا، فَوَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَجُوزُ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنَ الْبَيْعِ. وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْأَعْيَانِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنَافِعِ، كَمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. وَقِيلَ وَبِالْمَنْعِ قَطْعًا.

الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْأُجْرَةُ. فَالْإِجَارَةُ قِسْمَانِ. وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً [بِعَيْنِهَا لِيَرْكَبَهَا] أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ شَخْصًا بِعَيْنِهِ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ. وَوَارِدَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ، كَمَنْ أَسْتَأْجَرَ دَابَّةً مَوْصُوفَةً لِلرُّكُوبِ أَوِ الْحَمْلِ، أَوْ قَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015