وَلَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ مُبْهَمَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا حَتَّى مَاتَ، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ. فَإِنْ عَيَّنَهَا فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، طُولِبَ بِالتَّعْيِينِ، فَإِنِ امْتَنَعَ، كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعِيَّنَ. فَإِنْ عَيَّنَ وَصَدَّقَهُ الَوْارِثُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهَا لَيْسَتِ الْمُقِرَّ بِهَا، فَإِنْ حَلَفَ، طُولِبَ بِالتَّعْيِينِ، فَإِنِ امْتَنَعَ، حُبِسَ حَتَّى يُعَيِّنَ. قَالَ الْقَاضِي أَيْضًا فِي آخِرِ الْغَصْبِ: لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لِغَيْرِهِ بَاعَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَهِيَ مِلْكُهُ إِلَى الْآنِ، وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ مِلْكِي أَوْ دَارِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهَا مِلْكُهُ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَإِلَّا سُمِعَتْ. قَالَ الشَّاشِيُّ: لَوْ قَالَ: غَصَبْتُ دَارَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ دَارَةَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ، فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي، صَحَّ إِقْرَارُهُ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ، لِعَجْزِهِ عَنِ الْفَسْخِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِثِيَابِ بَدَنِهِ لِزَيْدٍ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» : يَدْخُلُ فِيهِ الطَّيْلَسَانُ وَالدَّوَاجُّ وَكُلُّ مَا يَلْبِسُهُ. وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْخُفُّ، وَالْمُرَادُ بِالدَّوَاجِّ: اللِّحَافُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي هَذَا، أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْفَرْوَةُ فَإِنَّهَا مِمَّا يَلْبِسُهُ، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهَا. وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيهِ، لِئَلَّا يُتَشَكَّكَ فِيهَا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ. وَلَوْ كُتِبَ عَلَى قِرْطَاسٍ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا، وَكَذَا الْإِشْهَادُ عَلَيهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّلَفُّظِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.