الْحَالُ الثَّالِثُ: إِذَا قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي كَذَا، وَأَذِنْتُ لَكَ أَنْ تُوَكِّلَ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْكَ، وَلَا عَنِّي، فَهَذَا كَالصُّورَةُ الْأُولَى، أَمْ كَالثَّانِيَةِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ أَنْ يُوكِّلَ فِي صُورَةِ سُكُوتِ الْمُوَكِّلِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوكِّلَ عَنْ مُوَكِّلِهِ. فَلَوْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ، فَوَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
حَيْثُ مَلَكَ الْوَكِيلُ أَنْ يُوكِّلَ، فَشَرَطَهُ أَنْ يُوكِّلَ أَمِينًا، إِلَّا أَنْ يُعَيَّنَ لَهُ غَيْرُهُ. وَلَوْ وَكَّلَ أَمِينًا، ثُمَّ فَسَقَ، هَلْ لَهُ عَزْلُهُ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَقْيَسُهُمَا: الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَصَرُّفٍ، وَقَالَ: افْعَلْ فِيهِ مَا شِئْتَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِذْنًا فِي التَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا تَصْنَعُهُ، فَهُوَ جَائِزٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: افْعَلْ مَا شِئْتَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: فِي امْتِثَالِ تَقْيِيدِ الْمُوَكِّلِ. وَالصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ مَنْ أَوَّلِ الْبَابِ إِلَى هُنَا مَفْرُوضَةٌ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ، وَمِنْ هُنَا إِلَى آخِرِهِ فِي التَّوْكِيلِ الْمَقْرُونِ بِتَقْيِيدٍ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ مُرَاعَاةُ تَقْيِيدِ الْمُوَكِّلِ، وَرِعَايَةِ الْمَفْهُومِ مِنْهُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.