فَرْعٌ

سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ، هَلْ يَشْتَرِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: يَشْتَرِيهِ، فَكَانَ مَعِيبًا، فَلِلْوَكِيلِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ، ذَكَرَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» .

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: فِي تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، فَإِنْ سَكَتَ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ أَمْرًا يَتَأَتَّى لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، لَمْ يُجِزْ أَنْ يُوَكَّلَ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ، لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ، فَلَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِثْلِهِ الِاسْتِنَابَةُ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يُوَكَّلُ، لِقُصُورِ اللَّفْظِ. وَلَوْ كَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَكَّلُ فِيهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا، لِكَثْرَتِهَا، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُوَكَّلُ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الْمُمْكِنِ، وَلَا يُوَكَّلُ فِي الْمُمْكِنِ. وَفِي وَجْهٍ: يُوَكَّلُ فِي الْجَمِيعِ. وَقِيلَ: لَا يُوَكَّلُ فِي الْمُمْكِنِ. وَفِي الْبَاقِي وَجْهَانِ.

وَقِيلَ: فِي الْجَمِيعِ وَجْهَانِ.

وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ، فَلَهُ أَحْوَالٌ.

الْأَوَّلُ: إِذَا قَالَ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ، فَفَعَلَ، انْعَزَلَ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ إِيَّاهُ، وَبِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ. وَلَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلَ، انْعَزَلَ. وَفِي انْعِزَالِ الثَّانِي بِانْعِزَالِهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَلَوْ فِي انْعِزَالِ الثَّانِي، انْعَزَلَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ. وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِ. وَالَّذِي يَجْمَعُ هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ، أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ، هَلْ هُوَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، أَمْ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: أَقِمْ غَيْرَكَ مَقَامَ نَفْسِكَ؟ وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: وَكِّلْ عَنِّي، فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوكَّلِ، وَلَهُ عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَزْلُ الْآخَرِ، وَلَا يَنْعَزِلُ أَحَدُهُمَا بِانْعِزَالِ الْآخَرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015