فَصْلٌ

فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ

فَإِذَا ضَمِنَ عَيْنًا لِمَالِكِهَا وَهِيَ فِي يَدِ غَيْرِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمُسْتَعَارِ، وَالْمُسْتَامِ، وَالْأَمَانَاتِ إِذَا خَانَ فِيهَا، فَلَهُ صُورَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: يَضْمَنُ رَدَّ أَعْيَانِهَا. فَالْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْ كَفَالَةِ الْبَدَنِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ قَطْعًا. وَالْفَرْقُ أَنَّ حُضُورَ الْخَصْمِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ذَرِيعَةٌ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ، فَالْتِزَامُ الْمَقْصُودِ، أَوْلَى. فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَرَدَّهَا، بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ. وَإِنْ تَلِفَتْ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ، فَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؟ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ. فَإِنْ أَوْجَبْنَا، فَهَلْ يَجِبُ فِي الْمَغْصُوبِ أَكْثَرُ الْقِيَمِ؟ أَمْ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الثَّانِي أَقْوَى. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ ضَمِنَ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَهُوَ بَعْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، جَرَى الْخِلَافُ فِي الضَّمَانِ. فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ وَتَلِفَ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ. فَإِنْ لَمْ يَدْفَعِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، لَمْ يُطَالَبِ الضَّامِنُ بِشَيْءٍ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ، عَادَ الْوَجْهَانِ فِي أَنَّ الضَّامِنَ، هَلْ يُغَرَّمُ؟ فَإِنْ غَرَّمْنَاهُ، فَهَلْ يُغَرَّمُ الثَّمَنَ؟ أَمْ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَوَّلُهُمَا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهَا لَوْ تَلِفَتْ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْمَكْفُولَ بِبَدَنِهِ لَوْ مَاتَ، هَلْ يُغَرَّمُ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، صَحَّ ضَمَانُ الْقِيمَةِ لَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ. وَإِلَّا، فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِهَذَا، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَبْلَ تَلَفِ الْعَيْنِ، غَيْرُ وَاجِبَةٍ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَالِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ، وَالْوَكِيلِ، وَالْوَصِيِّ، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015