فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ بِالْبَصْرَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ بِبَغْدَادَ لِلْخُصُومَاتِ، وَالْكَفِيلُ فَرْعُ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَإِذَا لَمْ يَجِبْ حُضُورُهُ، لَا يُمْكِنُ إِيجَابُ الْإِحْضَارِ عَلَى الْكَفِيلِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ، تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إِحْضَارُ مَنْ هُوَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
الْحَقُّ الَّذِي تَجُوزُ بِسَبَبِهِ الْكَفَالَةُ، إِنْ ثَبَتَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، فَذَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ وَسَكَتَ، صَحَّتِ الْكَفَالَةُ أَيْضًا. وَإِنْ أَنْكَرَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَالْكَفَالَةُ بِمَنْ لَا حَقَّ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ. وَأَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ. وَمُعْظَمُ الْكَفَالَاتِ إِنَّمَا تَقَعُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ.
فَرْعٌ
تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ الْغَائِبِ، وَالْمَحْبُوسِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ فِي الْحَالِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُعْسِرِ ضَمَانُ الْمَالِ.
فَرْعٌ
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ مُعَيَّنًا. فَلَوْ قَالَ: كَفَلْتُ بَدَنَ أَحَدِ هَذَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ ضَمِنَ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ.