قُلْتُ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ، أَنَّ الدَّيْنَ اللَّازِمَ، تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ، وَاقْتَدَى فِي ذَلِكَ بِالْغَزَّالِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ دَيْنَ السَّلَمِ لَازِمٌ، وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَحُكِيَ وَجْهٌ فِي «الْحَاوِي» وَ «التَّتِمَّةِ» وَغَيْرِهِمَا: أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ، وَسَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: الدَّيْنُ الْمُسْتَقِرُّ، لِيَخْرُجَ هَذَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

كُلُّ دَيْنٍ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ، فَسَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْأَثْمَانِ وَالْحُبُوبِ، أَوْ مُتَقَوَّمًا كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ. وَفِي وَجْهٍ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِثْلِيًّا. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِ مَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ، وَبِصِفَتِهِمَا، إِلَّا إِذَا أَحَالَ بِإِبِلِ الدِّيَةِ أَوْ عَلَيْهَا، وَصَحَّحْنَا الْحَوَالَةَ فِي الْمَنْقُولَاتِ، فَوَجْهَانِ، أَوْ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُصَالَحَةِ وَالِاعْتِيَاضِ عَنْهَا. وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ، لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهُمَا جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَحُلُولًا، وَتَأْجِيلًا، وَصِحَّةً، وَتَكَسُّرًا، وَجَوْدَةً، وَرَدَاءَةً وَفِي وَجْهٍ: تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ، وَبِالصَّحِيحِ عَلَى الْمُكَسَّرِ، وَبِالْجَدِيدِ عَلَى الرَّدِئِ، وَبِالْمُؤَجَّلِ عَلَى الْحَالِّ، وَبِالْأَبْعَدِ أَجَلًا عَلَى الْأَقْرَبِ، وَكَأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالزِّيَادَةِ. وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَمَعْنَى قَوْلِنَا: هَذِهِ الْحَوَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، أَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَحَوَّلُ مِنَ الدَّرَاهِمِ إِلَى الدَّنَانِيرِ مَثَلًا، لَكِنَّهَا لَوْ جَرَتْ فَهِيَ حَوَالَةٌ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَسَبَقَ حُكْمُهَا.

فَصْلٌ

الْحَوَالَةُ إِذَا جَرَتْ بِشُرُوطِهَا، بَرِئَ الْمُحِيلُ مِنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَتَحَوَّلَ الْحَقُّ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015