الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَوَالَةِ اللُّزُومُ. فَلَوْ بَقِيَ الْخِيَارُ، فَاتَ مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ أَبْطَلْنَا، فَأَحَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى ثَالِثٍ، بَطَلَ خِيَارُهُمَا، لِتَرَاضِيهِمَا. وَإِذَا أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي، لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي إِلَّا إِذَا فُرِضَ مِنْهُ قَوْلٌ وَرِضًى. وَأَمَّا الْحَوَالَةُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، فَالْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: الْقَطْعُ بِجَوَازِهَا. وَلِلْمَسْعُودِيِّ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْعِهَا، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ. وَقَدِ اشْتُهِرَ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ اسْتِقْرَارِ مَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا أَحَالَ السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتِبِهِ بِالنُّجُومِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: يَصِحُّ. وَلَوْ أَحَالَ الْمُكَاتِبُ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَلَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ، فَأَحَالَ عَلَيْهِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ، هَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الصِّحَّةُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثَةُ: مَالُ الْجَعَالَةِ. الْقِيَاسُ أَنْ يَجِيءَ فِي الْحَوَالَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّهْنِ بِهِ وَفِي ضَمَانِهِ. وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِجَوَازِهَا بِهِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَمَنْعِهَا قَبْلَهُ.
قُلْتُ: قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ أَحَالَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ السَّاعِيَ، جَازَ إِنْ قُلْنَا: هِيَ اسْتِيفَاءٌ. وَإِنْ قُلْنَا: اعْتِيَاضٌ فَلَا، لِامْتِنَاعِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنِ الزَّكَاةِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الدَّيْنُ اللَّازِمُ، فَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ، أَوِ اخْتَلَفَا، بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَمَنًا، وَالْآخَرُ أُجْرَةً، أَوْ قَرْضًا، أَوْ بَدَلَ مُتْلِفٍ.