فِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ.
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ. الْأَوَّلُ: الْمَرْهُونُ، وَلَهُ شُرُوطٌ. وَالْأَوَّلُ: كَوْنُهُ عَيْنًا، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ، بِأَنْ يَرْهَنَهُ سُكْنَى الدَّارِ مُدَّةً، سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا. وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ، سَوَاءٌ رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِ، قَبِلَ الْقِسْمَةَ أَمْ لَمْ يَقْبَلْهَا.
قُلْتُ: سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي مِنَ الْمَشَاعِ لِلرَّاهِنِ أَمْ لِغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ رَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، صَحَّ، وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: صِحَّتُهُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: فَسَادُهُ، وَادَّعَى طَرْدَ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي تَصْحِيحِ صِحَّتِهِ الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» ، وَصَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» ، وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا طَرْدُ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ، فَشَاذٌّ، فَقَدْ قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِصِحَّتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُسِّمَتِ الدَّارُ، فَوَقْعَ هَذَا الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَهَلْ هُوَ كَتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَمْ يَغْرَمُ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ، وَيَكُونُ رَهْنًا لِكَوْنِهِ حَصَلَ لَهُ بَدَلُهُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: إِنْ كَانَ مُخْتَارًا فِي الْقِسْمَةِ، غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ مُجْبَرًا، فَلَا.