مقدمة
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ، ونستهديه ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومن اهتدى بهَدْيِهِ إلى يومِ الدِّينِ.
وبعدُ .. فإنَّ من أشرفِ العلومِ وأعلاها ما كان متصلاً بكتابِ اللهِ تعالى؛ إذْ هو أشرفُ الكتبِ وأجلُّها؛ ومن أهمِّ علومِ القرآنِ الكريمِ علمُ القراءاتِ؛ وهو العلمُ الذي يبحثُ في القرآنِ الكريمِ من جهةِ لفظِهِ وأدائِهِ روايةً ودرايةً، ويبحثُ في اختلافِ الناقلينَ فيه.
ولقد أمرَ اللهُ سبحانه وتعالى بتلاوةِ كتابِهِ وتَدبُّرِهِ والعَملِ به، وتَكفَّلَ هو سبحانه بحفظِهِ؛ وعلمُ القراءاتِ من أدلِّ الأدلةِ على حفظِ اللهِ تعالى كتابَهُ؛ إذ هو العلمُ الوحيدُ الذي لا يزالُ يُتناقلُ روايةً ومشافهةً بأسانيدَ متصلةٍ إلى الرسولِ الكريمِ صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلّم! ولقد اصطفى اللهُ سبحانه من السلفِ والخلفِ منِ اختصَّهُ بحفظِ القرآنِ الكريمِ والعلمِ بقراءاتِهِ.
فكان من الصحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم قراءٌ معروفون مشهورون بالقراءةِ والإقراءِ؛ منهم: عثمانُ، وعليٌّ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو الدرداءِ، وأُبَيٌّ، وابنُ مسعودٍ، وسالمٌ مولى أبي حذيفةَ، ومعاذُ بنُ جبلٍ، وأبو موسى الأشعريُّ، رضي اللهُ تعالى عنهم أجمعين؛ وفي الصحيحينِ من حديثِ عبدِاللهِ بنِ عمرٍو رضي اللهُ عنهما: «خُذُوا القُرْآنَ مِنْ