وقد ظهرت معظم الكتب والمصنفات، وأصبح الاعتماد على ما فيها من كتب.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة ضبط المصنفات بعد مرحلة التدوين، وانقطاع مرحلة الرواية، فكما أبلى المحدثون بلاء حسنًا في المرحلة الأولى، فقد هيأ الله لهذه المرحلة من العلماء من وضع القواعد والمناهج التي تروى بها الكتب.
وكان المتقدمون من علماء المسلمين لا يعطون الاهتمام التام للكتاب، إلا إذا كان راويه الثقة الضابط العدل قد قرأه على مؤلفه، أو كان لديه سند متصل بقراءة الكتاب، وتلقاه من شيوخه عن شيوخهم إلى مؤلفه.
أما الكتاب الذي يجده العالم وجادة، ولم يسمعه من مؤلفه ولا له منه إجازة، فهو عندهم من قبيل الخبر المنقطع المرسل كما قرره علماء المصطلح، وقد منع الأخذَ منه معظمُ المحدثين والفقهاء من المتكلمين، وأجازه المتأخرون بشروط ضيقة؛ لتعذر شرط الرواية في الأعصار المتأخرة، وهذا منهم فيما يوثق بنسبته إلى مؤلفه، أما ما لا يوثق بنسبته فلا اعتداد به بالاتفاق (?).
وما هذا كله إلا ليكون النقل صحيحًا والتوثيق تامًّا، ولتأخذ الكلمة العلمية ثبوتها، وصحتها، وضبطها، وتاريخها، وانتقالها إلى الأجيال اللاحقة على أوثق طريق؛ ولهذا قرروا القاعدة المشهورة في أول كتب آداب البحث والمناظرة وهي:
إن كنت ناقلًا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل.
أو كما قال ابن تيمية في كتابه: «مقدمة في أصول التفسير» (?): العلم إما