حديث نبوي كان بسند، وما نقل من تفسير للحديث كان بسند أيضًا؛ وما نقل من أدب أو شعر أو نثر أو فقه أو تاريخ أو لغة كان بسند أيضًا، بل أشد من هذا ما نقل من المسليات أو المضحكات كأخبار الحمقى والمغفلين أو أخبار الأذكياء والنابهين نقل بسند أيضًا.
هكذا انكب السلف الصالح من صحابة وتابعين ومن بعدهم على السنة النبوية وما يتعلق بها من علوم، فانتشر الرُّواة والمحدثون في أروقة المدارس وعَرصات المساجد، وأخذوا يبحثون في أسانيد الأحاديث النبوية ومتونها، فنشأ علم مصطلح الحديث، وطبقات الرجال، والجرح والتعديل، والتراجم؛ توخيًا للدقة، وحرصًا على سلامة السنة من أي تحريف.
ولقد مرَّ التوثيق والتثبت في المرويات بمرحلتين متميزتين في نقل السنة والعناية بها وهما:
1 - مرحلة ما قبل تدوين المصنفات وجمع الأحاديث في دواوينها المعروفة المشهورة.
2 - مرحلة ما بعد تدوين المصنفات.
ففي المرحلة الأولى: كانت العنايةُ منصبةً على نقلة الآثار، والبحث عن أحوالهم، والتفتيش في مروياتهم، بعد جمعها ومعارضتها، ومن يتحمل عنه، ومن لا يكتب عنه.
وكانت مرويات الرُّواة هي محور معرفة درجة هؤلاء الرُّواة من الضبط والاتقان، أو الخلل والنسيان، أو التساهل وعدم الدقة والاهتمام.
وقد واكب ذلك حصر المرويات، وأودعت في بطون الكتب مرتبة على أنواع مختلفة، فبعضها يحوي الصحيح، وبعضها يحوي الضعيف، وبعضها في معرفة أحوال الرجال، وغيرها من الموضوعات .. إلى غير ذلك.
وهذه المرحلة تكاد لا تتعدى القرن الرابع؛ حيث لم ينته هذا القرن إلا