لو لم يمنع في الصغر، لصعب عليه الامتناع في الكبر، وقد قال الله تعالى: {قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6] قيل في التفسير أي أدبوهم وعلموهم.
الحكم الثامن: ما المراد من وضع الثياب في الآية الكريمة؟
دلت الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ} على أن المرأة العجوز التي لا تُشْتهى والتي لا يُرغب فيها في العادة أنه لا إثم عليها في وضع الثياب أمام الأجانب من الرجال، بشرط عدم التبرج وإظهار الزينة، وليس المراد أن تخلع المرأة كل ما عليها من الثياب حتى تتعرى فإن ذلك لا يجوز للعجوز ولو كان أمام محارمها فكيف بالأجانب؟ ولذلك فقد اتفق الفقهاء والمفسرون على أن المراد بالثياب في هذه الآية (الجلباب) التي أُمِرت المسلمةُ أن تخفي به زينتها في قوله تعالى في سورة الأحزاب [59]
{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} وهذا الإذن في وضع الجلابيب والخُمُر ليس إلا لأولئك النسوة العجائز اللاتي لم يعدن يرغبن في التزين، وانعدمت فيهن الغرائز الجنسية، غير أنه إذا كان لا يزال في هذه النار قبس يتقد، ويكاد يميل بالمرأة إلى إظهار زينتها فلا يصح لها أن تضع جلبابها.
قال القرطبي: (ومن التبرج أن تلبس المرأة ثوبين رقيقين يصفانها فقد روي في «الصحيح» عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما. . وذكر: ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسْنِمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» . وفي رواية: من مسيرة خمسمائة عام) .
قال ابن العربي: وإنما جعلهن كاسيات لأن الثياب عليهن، وإنما وصفهن بأنهن عاريات لأن الثوب إذا رقَّ يصفهن ويبدي محاسنهن وذلك حرام.