وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: أُتي أبو بكر بغلام قد سرق فأمر به فشبر فنقص أنملة فخلّى عنه وبهذا المذهب أخذ الفرزدق في قوله:
ما زال مذ عقدت يداه إزاره ... وسما فأدرك خمسة الأشبار
وأكثر الفقهاء لا يقولون بهذا المذهب، لأن الإنسان قد يكون دون البلوغ ويكون طويلاً، وفوق البلوغ ويكون قصيراً، فلا عبرة بذلك، ولعلّ الأخبار السابقة لا تصح، وما نقل عن الفرزدق لا يتعيَّن إرادة البلوغ فيه فمن الناس من قال إنه أراد بخمسة أشبار (القبر) كما قال الآخر:
عجباً لأربع أذرع في خمسة ... في جوفه جبل أشم كبير
الحكم السابع: هل يؤمر الطفل بفعل الفرائض والطاعات؟
استدل بعض الفقهاء من قوله تعالى: {والذين لَمْ يَبْلُغُواْ الحلم مِنكُمْ} على أن من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح - وإن لم يكن من أهل التكليف - على وجه التعليم، فإن الله أمرهم بالاستئذان في هذه الأوقات، وقال عليه السلام «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع» .
وروي عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال: «نعلِّم الصبي إذا عرف يمينه من شماله» .
وروي عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «إذا بلغ الصبي عشر سنين كتبت له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات حتى يحتلم» .
قال أبو بكر الرازي: إنما يؤمر بذلك على وجه (التعليم والتأدب) ليعتاده ويتمرن عليه فيكون أسهل عليه بعد البلوغ وأقل نفوراً منه. وكذلك يجنّب شرب الخمر، ولحم الخنزير، ويُنْهى عن سائر المحظورات، لأنه